تقدير الذات

يمتلك كل واحد فينا العديد من القدرات والمهارات المتعلقة في العديد من المجالات، ومن أعظمها قدرة الفرد على معرفة ذاته واحترامها، لأن جهل الفرد لنفسه وجهله بقدراته يجعله يخطئ في تقييم نفسه. لذلك فإنّ الشعور بعدم الرضى والتقبل والاحترام تجاه أنفسنا يمكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل.

تعتبر الطريقة التي نشعر بها، ونشعر بها تجاه أنفسنا هي التي تمنحنا شخصيتنا المميزة والفريدة من نوعها فكلما زادت المشاعر التي نشعر بها ايجابية تجاه أنفسنا ، زاد احترامنا لذاتنا ، وكلما زادت المشاعر التي نشعر بها سلبيةّ ، كلما انخفض تقديرنا لذات.

في هذه المقالة سنتحدث عن 4 نقاط أساسية تتمحور حول تقديرنا لذاتنا:

  • ماذا يعني تقديري لذاتي؟ كيف أعرف أنني أقوم بتقدير ذاتي؟ هل يوجد سلوكيات أو صفات معينة تساعدني في إدراك أنني أقوم بذلك بشكل صحيح أو بشكل مفرط أو أنني لا أقوم بتقدير ذاتي أبداً؟
  • ما هي العوامل التي تحفزنا في تقدير ذاتنا؟ما هي الأسباب التي تمنع من حصولي على تقدير عالٍ لذاتي؟
  • ما تأثير التقدير المفرط أو عدم التقدير لذاتي؟
  • ما هي الخطوات التي تساعدني في الحصول على أفضل وأحسن طريقة لتقدير ذاتي؟

وفي نهاية المقالة سنقوم بتوضيح  العلاقة بين تقدير الذات والنجاح.

definition, self-esteem

تقدير الذات هو مهارة  يكتسبها الفرد خلال جميع مراحل حياته، فهو يعبر عن نظرة الفرد لنفسه أو لذاته، بعبارات وكلمات تعبر عن مدى احترامه لنفسه أو بعدم الاحترام وعدم الأهمية، مهما كانت الظروف التي يعيش فيها هذا الإنسان، هذا يعني أنها إما أن تكون عبارات ومشاعر إيجابية أو سلبية تجاه ذاتنا.

فكيف يعبر الفرد عن احترامه لذاته؟

يتم ترجمة ذلك عبر: ثقة الفرد بنفسه، شعوره بالأمان، الهوية، الشعور بالانتماء، الشعور بالكفاءة.

فمثال ذلك: الشخص الذي يشعر بالامتنان تجاه نفسه، يشعر بالرضا والنجاح الدائم، يرى نفسه أنه يستحق السعادة ويكنّ لنفسه كامل الاحترام والتقدير لأعماله ونجاحاته المستمرة، هو شخص يقدّر ذاته، أما الشخص الذي يعيش دوماً في حلقة دائرية متواصلة اعتقادًا منه انه لا يستحق أن يعيش حياة لائقة، يرى نفسه غير محبوب من الجميع لذلك ليس لديه علاقات أو صداقات مع الجميع، يرى أنه لا يستحق هذا المنصب وانه لولا الصدفة لما وصل إليه مع العلم أنه يمتلك المهارات المناسبة لذلك ولكن إن عدم تقديره لذاته هو الذي جعله يعيش هذا الشعور السيئ والمحبط، لأنه يغذي نفسه مرارًا وتكرارًا بهذه التوكيدات السلّبية، وغالباً ما تؤدي في نهاية المطاف إلى حالات الاكتئاب والقلق.

من هذه المقارنة البسيطة نرى أن تقدير الذات له أهمية كبيرة في حياتنا بحيث تتمثل في منح الشجاعة للفرد وإتاحة القدرة على تجربة أشياء جديدة، وبالتالي زيادة ثقته بنفسه وبذل قصارى جهده لتحقيق الأمور الجيّدة في حياته.

ولكن قد يبالغ بعض الأشخاص ذوو الثقة بالنفس بشكل مفرط في تقدير مهاراتهم كما نرى هؤلاء عند الشخصيات النرجيسية مثلا، فهم يشعرون بأنهم مؤهلون للنجاح دوماً دون الحاجة إلى الإيمان بقدراتهم. هؤلاء حتماً سيعانون من مشاكل في علاقاتهم مع الآخرين ويمنعون أنفسهم من تطوير قدراتهم لأنهم يعتقدون بشدّة أنهم أشخاص مثاليون ولا حاجة للتدريب أو للتطوير.

 

youth

من العلامات السلبية التي تعيق تقدير الذات هي:

  • يتجنب الفرد في الانخراط في معظم الفعاليات الاجتماعية، وبذلك يمنعه من تكوين علاقات أو صداقات جديدة مع الأشخاص.
  • لا يخوض في تجارب أو تحديات جديدة، بل يبقى ضمن منطقة الراحة التي اعتاد العيش فيها.
  • ينزعج دائماً من إطّراء الأخرين والمديح له، لأنه يرى ذلك أنه لا يستحق هذا المديح أو أنه مبالغ به.

احترام الذات الصحي

هناك بعض الطرق البسيطة لمعرفة ما إذا كان لديك احترام صحي لذاتك. من المحتمل أن يكون لديك احترام لذاتك بشكل صحي إذا كنت:

  • تتجنب الخوض في التجارب السلبية السابقة
  • لا تصدق أنك متساوٍ مع أي شخص آخر ، ليس أفضل ولا أسوأ
  • عبّر عن احتياجاتك
  • الشعور بالثقة
  • لديك نظرة إيجابية عن الحياة
  • قل لا عندما تريد ذلك
  • تعرف على نقاط القوة والضعف لديك وتقبلها

يمكن أن يساعدك التمتع بتقدير الذات الصحي على تحفيزك للوصول إلى أهدافك ، لأنك قادر على التنقل في الحياة مدركًا أنك قادر على تحقيق ما تضعه في ذهنك. بالإضافة إلى ذلك ، عندما يكون لديك احترام صحي لذاتك ، يمكنك وضع حدود مناسبة في العلاقات والحفاظ على علاقة صحية مع نفسك والآخرين.

تقبل الذات الصحي

احترام الذات المتدني:

قد يظهر تدني احترام الذات بعدة طرق. إذا كان لديك تدني احترام الذات:

  • قد تعتقد أن الآخرين أفضل منك.
  • قد تجد صعوبة في التعبير عن احتياجاتك.
  • يمكنك التركيز على نقاط ضعفك.
  • قد تشعر في كثير من الأحيان بالخوف والشك الذاتي والقلق.
  • قد يكون لديك نظرة سلبية للحياة وتشعر بفقدان السيطرة
  • قد يكون لديك خوف شديد من الفشل.
  • قد تجد صعوبة في قبول ردود الفعل الإيجابية.
  • قد تجد صعوبة في قول لا ووضع الحدود.
  • يمكنك أن تضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاتك.

قد يؤدي تدني احترام الذات إلى مجموعة متنوعة من اضطرابات الصحة العقلية ، بما في ذلك اضطرابات القلق واضطرابات الاكتئاب. قد تجد أيضًا صعوبة في متابعة أهدافك والحفاظ على علاقات صحية. يمكن أن يؤثر تدني احترام الذات بشكل خطير على نوعية حياتك ويزيد من مخاطر التعرض لأفكار انتحارية.

ما هي العوامل التي تساعدنا في تقدير ذاتنا؟

يتأثر احترامنا لذاتنا أو تقديرها بحسب العديد من العوامل التالية:

  • وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي: تساهم وسائل الإعلام في التأثير المباشر على حياتنا، فهي تقوم بخلق معايير مثاليّة للعيش بحياة أفضل، فعندما نقوم بتلقي هذه الرسائل ونقارنها بمعايير حياتنا الحالية، نرى أنفسنا أننا نعيش أسوأ بكثير من غيرنا، وأننا لا نستحق العيش بسلام وأمان.
  • نمو الفرد: هي نتاج خبرات حياتنا على مر السنين، أي من الطفولة إلى الوقت الحالي الذي نعيشه، والتي تدخل من ضمنها العائلة المحيطة بنا وطرق التربية وطرق العقاب والثواب، الأصدقاء، المعلمين الذين ساهموا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في اخفاقنا أو نجاحنا، ولكن غالباً ما تكون تجاربنا في الحياة هي العامل الأكثر تأثيراً على تقديرنا لذاتنا.
  • سمات الشخصية: بعض الناس يضعون لأنفسهم معايير النجاح المثالية، هذا ما يجعلهم محبطين دائماً لأنهم يجدون أنفسم أشخاصًا غير جديرين في الوصول إلى هذا النجاح المثالي. هذا ما يسمونه بالتشوهات المعرفية، أي أخطاء في تفكير الفرد حيث تصبح أفكاره سلبية، مثال ذلك: عندما تتقدم للإمتحان في شيء ما، تقول في نفسك إما أن أحصل على درجة عالية جداً وإما أن تعتذر عن تقديم المادة لأنك تعتقد في قرارة نفسك أنك ستنال علامة متدنية فقط لمجرد أنك وضعت لنفسك معيارًا عاليًا للوصول إلى النجاح.

وهناك أيضاً الكثير من العوامل التي تساهم في تقديرنا لذاتنا مثل:

وجود إعاقة معيّنة عند الفرد مثل: الشلل، عدم النظر، عدم السمع…، عوامل تتعلق بالوراثة، إصابة بعض الأفراد بالأمراض المزمنة والغير مزمنة، قدرات الشخص البدنيّة والعقليّة، الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسرة، الضغوطات النفسيّة والاجتماعيّة التي يمر فيها الفرد في مختلف مراحل حياته. هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على أفرادها وتختلف طريقة تكييفهم مع الوضع بين شخص وآخر داخل الأسرة الواحدة.

الآثار المترتبة على عدم تقديرنا لذاتنا:

حياتنا ليست عبارة عن سلّم صعود للقمة بطريقة سهلة جداً، وأنت في طريقك للنجاح تواجه أوقات هبوط متعددة، لذلك هذا السلّم غير متوازن بين الحين والآخر، فنشعر حينها بالقلق أو بالاضطراب وأحياناً الاكتئاب، وهذه المشاعر هي طبيعية في حياتنا، والمشكلة لا تكمن في هذا الدرب، بل تكمن في الاستمرار دائماً بالشعور السلبي الذي يؤدي إلى ظهور الاضطرابات النفسية، مما يضطر الفرد للتكيف مع الموقف أو المشكلة بتطوير بعض العادات الغير صحية والغير آمنة مثل: التدخين، تعاطي الخمور المفرط، تعاطي المخدرات.. .

كيف يستطيع الإنسان أن يرفع من مستوى تقديره لذاته؟

هناك طرق متعددة منها نفسيّة ومنها اجتماعيّة تساعد الفرد على رفع مستوى تقديره لذاته، ومن بعض الطرق الاجتماعية:

  • تكوين علاقات جديدة مع أصدقاء من خارج المحيط الذي تعيش فيه،
  • اكتساب خبرات في التّطوع والنشاطات الاجتماعية،
  • الابتعاد عن الأشخاص الذين يفكرون بطريقة سلبية، بعض العبارات التي يقولونها لك: “إنك لا تستطيع النجاح” ، “هذا الطريق صعب جداً لا تسلكه لوحدك”، “لا تفرح كثيراً لأنك نجحت فهناك تجارب عديدة ستفشل فيها” وغيرها من العبارات المحبطة..
  • تعلّم أن تقول شكراً لنفسك، أن تشكر نفسك على ما تقدمه من تضحيات في سبيل النجاح.
  • التعاطف مع الذات: يعني ذلك أن هناك أوقاتًا صعبًة على الإنسان يمر بها بين الحين والآخر، وأحياناً يخطئ في بعض الأمور، فالذي عليك فعله هو أن لا تكون قاسيًا مع نفسك لمجرد أنك أخطأت في التجربة، فكل بني آدم خطّاء، لذلك عليك أن تتعامل مع نفسك كأنها شخص عزيز على نفسك وتتعلم من الأخطاء لتتجنب من الوقوع فيها.
  • كافئ نفسك: فكل نجاح صغير يستحق مكافأة مني لذاتي.
  • لا تدع لحظات الفشل أو الوقوع في الأخطاء تؤثر على طريق نجاحك، بل ابحث دائماً عن حلول بديلة لتواجه مشكلتك الآنية.
  • تشجع في خوض تجارب جديدة أو تحديات جديدة مهما نظرت لها أنها صعبة أو غير مناسبة لوضعك الحالي، فإذا استمريت في هذه الطريقة ستجد نفسك في دائرة متواصلة تعيد شريط حياتها في كل دورة.

كيفية تحسين احترام الذات

هناك خطوات يمكنك اتخاذها لمعالجة مشاكل احترام الذات. تتضمن بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها للمساعدة في تحسين احترامك لذاتك وهي:

 

  • كن أكثر وعيًا بالأفكار السلبية، تعلّم كيفيّة التّعرف على الأفكار المشوّهة التي تؤثّر على قيمتك الذاتية.
  • تحدَ أنماط التّفكير السّلبي، عندما تجد نفسك منخرطًا في التّفكير السّلبي ، حاول مواجهة تلك الأفكار بأفكار أكثر واقعيّة و / أو إيجابيّة.
  • استخدم الحديث الإيجابي مع النفس، تدرّب على قراءة التوكيدات الإيجابيّة لنفسك!
  • مارس التعاطف مع الذات، تدرب على مسامحة نفسك على أخطاء الماضي وامض قدمًا بتقبل كل خطأ ارتكبته بحق نفسك.
  • إذا كنت تواجه مرحلة صعبة من عدم تقبّل الذّات وعدم احترامها هذا يعني أنك تواجه بعض الأعراض الصحيّة والعقليّة مثل الاكتئاب والقلق، لذلك ضع في اعتبارك التّحدث مع طبيب أو معالج حول خيارات العلاج المتاحة، والتي قد تشمل العلاج النفسي، أو الأدوية، أو مزيج من الاثنين معًا.

ما علاقة تقديري لذاتي في النجاح؟

لا يسعنا إلا أن نقول بأنها علاقة ترابطية بينهما: فتقدير الذات يؤدي بنا إلى النجاح والصعود، والنجاح لا يحصل إلا إذا حصلنا على مستوى جيّد من تقديرنا لذاتنا ولأنفسنا. لذلك عليك تمرين نفسك مرارًا وتكرارًا على التقنيات التي تجعلك أكثر راحة وأكثر سعادة لتحقيق أهدافك في الحياة، وأن لا تلتفت إلى الذين يحبطونك بمجرد النقد أو الكلام الفارغ، فدائماً الأشخاص الذين يعيشون في الهاوية يريدون من الآخرين الهبوط معهم وعيش معاناتهم ومآسيهم وأحزانهم، فهم لا يستطيعون تقبل أنفسهم الفاشلين فقط. لذلك ابتعد عن هؤلاء الأشخاص وانتقي هؤلاء الذين يحثونك على التقدم والتطور وتحقيق السعادة لنفسك ولحياتك.